Tuesday, January 28, 2014

رابعا : (تابع)

وتعتمد روايات بالليديوس على ما كان قد رآه شخصيا أو اختبره، وعلى ما وصله من آخرين من القصص المشابهة لرواياته. وإن كانت "حياة أنطونيوس"تتركز في مصر إلا أن التاريخ اللوزياكي يصف الحياة الرهبانية ليس في مصر وحدها بل أيضا في فلسطين وسوريا وآسيا الصغرى. والهدف من كلا الكتابين هو إنارة القارئ.

وكان القديس أثناسيوس قد أرسل كتابه ”إلى الإخوة الذين في الأرجاء الأجنبية“،
إلى الأتقياء الذين كانوا يحاولون أن ينافسوا الرهبان المصريين في نسكهم وتقشفهم، وهكذا يقول: [وأنا أشعر أنكم أنتم أيضا مجرد أن تسمعوا القصة فلن  تعجبوا بالرجل فحسب، بل أيضا سترغبون في الاقتداء به، إذ ترون في حياته نموذجا كافيا للنسك الرهباني … لقد رأيت أنطونيوس مرارا، وهذا ما استطعت أن أتعّلمه منه، لأنني لازمته طويلا وسكبت ماءً على يديه… 

وقد اقتطع بالليديوس وقتا من حياته المليئة بالمشاغل كتب فيه صورا حية عن حوالي ستين قديسا وقديسة… وكان هذا في وقتٍ تحررت فيه الكنيسة حديًثا من الكهوف والسراديب التي أجبرتها الاضطهادات المتوالية على الصلاة بل والمعيشة فيها، وهو عصر "ليثومانيا" كما سماه بالليديوس، أي عصر جنون المباني الكنسية الشاهقة. ولكن بالليديوس أراد أن يعلِّم "لوزاس" دروس البناء الحقيقي، أي التأسيس النموذجي للشخصية في القلب - هيكل أو كنيسة الله الحي - على أساس سير قديسي البراري
(يتبع)

No comments:

Post a Comment